كتب آدم راسجون من تل أبيب أن الجيش الإسرائيلي قتل آلاف المقاتلين من حماس في غزة، ودمّر مخزونها من الأسلحة وأغلب شبكة أنفاقها تحت الأرض. لكن هذا الهجوم أجبر جناحها العسكري على تغيير تكتيكاته؛ فبعد أن كان جيشًا منظّمًا، تحوّل إلى مجموعات صغيرة متفرقة تركّز على الصمود وتنفيذ كمائن ضد القوات الإسرائيلية.
وبحسب ما أوضحته النيويورك تايمز، لم تعد هناك معاقل ثابتة لحماس بالمعنى العسكري التقليدي. وقال وسام عفيفة، المدير السابق لقناة الأقصى التابعة للحركة، إن ما تبقى اليوم “خلايا مقاومة صغيرة متحركة تقاتل بأسلوب حرب العصابات”. ورغم ذلك، ما تزال حماس قوة فلسطينية بارزة في غزة، فيما بدأ الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع غزوًا بريًا واسعًا لمدينة غزة بهدف تدمير الحركة.
العملية توصف بأنها محفوفة بالمخاطر، إذ يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين في المنطقة، كثيرون منهم عاجزون أو غير راغبين في النزوح إلى مناطق مكتظة وشحيحة الموارد. وعلى الأرض، تعتمد حماس تكتيكات الكرّ والفرّ بدلًا من المواجهة المباشرة، بزرع العبوات تحت الطرق والمباني السكنية وفوق العربات العسكرية. ونشرت الحركة تسجيلات لمقاتلين بملابس مدنية يهاجمون دبابات وجنودًا ثم ينسحبون.
منذ يناير قُتل نحو 70 جنديًا إسرائيليًا في غزة وفق بيانات الجيش. ويؤكد مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن حماس لم تعد قادرة على شنّ هجوم واسع مثل هجوم 7 أكتوبر 2023، الذي أودى بحياة نحو 1200 شخص وأشعل الحرب. كما فقدت القدرة على إطلاق وابل صاروخي كثيف أو صدّ التقدم البري الإسرائيلي.
أجهزة الأمن الإسرائيلية تقدّر بقاء نحو 15 ألف مقاتل داخل القطاع، وفق شالوم بن حنان، المسؤول السابق في جهاز “الشاباك”. ورغم تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن اقتراب هزيمة حماس، يشكّك محللون عسكريون في إمكانية توجيه ضربة قاضية. وصف مايكل ميلشتاين، ضابط استخبارات عسكرية سابق، الفكرة بأنها “ساذجة”.
مع التوغل في غزة، يُرجّح أن ينتشر ما تبقى من مقاتلي حماس في مناطق أخرى مثل دير البلح والمواسي جنوبًا. ويقدّر مسؤولون أمنيون أن القضاء الكامل على الحركة قد يتطلب سنوات من القتال. في المقابل، ترفض حماس شروط نتنياهو وتؤكد أنها ستقاتل حتى آخر طلقة، مع استعدادها لمبادلة كل الأسرى الإسرائيليين بإنهاء الحرب وانسحاب القوات وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
محمد العسل، محلل من جنوب غزة، قال إن ما يجري “يتجاوز القضاء على حماس؛ الانطباع العام أن إسرائيل تستهدف غزة وأهلها”.
هكذا تنقل النيوريورك تايمز صورة مزدوجة: حركة فقدت الكثير من قوتها العسكرية لكنها ما تزال قادرة على البقاء والمناورة، مقابل جيش إسرائيلي يمتلك تفوقًا هائلًا لكنه يصطدم بواقع حرب عصابات طويلة الأمد.
https://www.nytimes.com/2025/09/19/world/middleeast/hamas-remaining-in-gaza.html